نشرت تحت تصنيف شعر

القلب / العقل – لورا كوينزبيرج

ترجمة : وعد العتيبي

  • @waadotaibi_ ✨

Image result for Laura Kuenssberg poetwads

المشهد يشبه: دب يحارب في خلية نحل.

كم كان العقل مخلصاً بشكلٍ دائم للقلب

يريد مايريده القلب

المحاسب عالق في عاصفة ثلجية

فكيف بخجل تُقرِب العقل لأعمال القلب؟

و تبدأ بحساب كل مايُحصى

مثل الضوء داخل القفص

و الطريقة التي حاصرت بها طيور القلب

الطائر في المطار

و الطريقة التي يومض بها العقل على أرضية زاوية الهاتف العمومي

إني أملك آخر عشر سنتات عند الهاتف العمومي

و هذه الرسالة

لم أقوم بأرسال و إستخدام شيء منهما

كم من الغريب العثور على أي شيء الآن

كل هذا الحب الذي لم أعثر عليه بهذا الوقت

يجب أن أشعر به أو حتى أستشعره!

نشرت تحت تصنيف قصة_قصيرة

اِلتزامات أندريس ريفيرا ترجمة: توفيق البوركي

اِلتزامات

أندريس ريفيرا (1928-2016) *

ترجمة: توفيق البوركي (المغرب)*

Related image

ما زلت إلى الآن أتذكّر ذلك المساء، حين لمحتُ وأنا مارّ على رصيف الميناء شيئًا يلمع داخل سلّة مهملات صغيرة. وبفضول مبرّر في طبعي بوصفي هاوي التقاط الأشياء، انحنيت لأخذه ومن ثمّ فركته بطرف حقيبتي. وهكذا استطعت أن أتبيّن أنّ الأمر يتعلّق بشِعار صغير من الفضّة تتخلّله رموز بدت لي غامضة لحظتئذ. وضعته في جيبي وعدت إلى المنزل دون أن أولي الأمر اهتمامًا كبيرًا. لم أستطع أن أحدّد بدقّة كم مرّ عليه من الوقت محفوظًا داخل جيب تلك السّترة، التي لم أكن أستعملها إلاّ فيما ندر. ما أتذكّره فقط، أنّني أرسلتها في إحدى المناسبات للتّنظيف. ويا للمفاجأة الكبيرة حين أعادها إليّ المستخدم نظيفة ومعها علبة صغيرة، وهو يقول: “من المفترض أنها لك، فقد وجدتها في جيب سترتك”.

وقد كان ما بداخلها، طبعًا، هو ذلك الشّعار. هذه الاستعادة غير المتوقّعة، حمّستني إلى حدّ أن قرّرت تعليقه.

ومنذ تلك اللحظة بالذّات انطلق، فعليًّا، مسلسل الأحداث الغريبة التي حصلت معي. وأوّلها كان داخل مكتبة للكتب المستعملة. فبينما كنت أتصفّح مجلّدات قديمة، اقترب منّي صاحب المحلّ، الذي كان يراقبني منذ وقت قصير من ركن مظلم داخل مكتبته؛ وبنبرة متواطئة امتزجت بحركات وإيماءات مألوفة، قال لي: “نتوفّر هنا على بعض كُتب فايفر”. نظرت إليه مندهشًا لأنّني لم أسأله عن هذا الكاتب الذي كنت أجهله تمامًا، فمعرفتي بالأدب لم تكن معرفة واسعة. ثُمّ أضاف: “فايفر عاش في بِلسن”، وقبل أن أتخلّص من دهشتي، واصل الكُتبي بنبرة مُكاشِفة وواثقة: “عليك أن تعلم أنّه لقي حتفه، ضربًا بالهراوات، في محطّة القطار ببراغ.” وبعد أن أنهى كلامه عاد إلى الركن الذي أتى منه ليغرق في صمت مطبق. واصلت تصفّح بعض المجلّدات بشكل آلي، لكنّ تفكيري كان مشغولاً بالكلام الغامض الذي باح به الكُتبيّ. غادرت المحلّ، مشتّت البال، بعد أن اقتنيت كُتيّبًا عن الميكانيك.

بقيت لبعض الوقت أفكّر في معنى تلك الحادثة لكن بما أنّني لم أتوصّل إلى نتيجة تُذكر، انتهيت إلى نسيانها. وبدون سابق إنذار، فُوجئت بحادث أفزعني للغاية. فقد كنت أتجوّل في ساحة بضواحي المدينة، عندما بادرني، بشكل مباعث، رجل هزيل البنية، مصفرّ الوجه وبارز الملامح، وقبل أن أقوم بأيّ ردّ فعل، دسّ بين يدي بطاقة واختفى دون أن ينبس بكلمة. كانت بطاقة بيضاء من الورق المقوّى؛ تحمل عنوانًا فقط وجملة تقول: الاجتماع الثّاني. الثّلاثاء 4. وفي اليوم المفترض ذهبت إلى العنوان المحدّد. وقد صادفت هناك العديد من الغرباء يحومون حوالي المكان. وقد كانوا، ويا للصّدفة الغريبة، يحملون شعاراً مماثلاً لشعاري. اندمجت وسط الحلقة، ولاحظت أنّ الجميع يصافحني بمودة وألفة. ثمّ ولجنا بعد ذلك إلى المنزل المحدّد وأخذ كلّ منّا مكانه داخل قاعة فسيحة. ومن خلف ستارة طلع علينا شخص يوحي مظهره بالوقار. حيّانا وجلس إلى المنصّة ثم شرع في حديث لا ينتهي. لا أعلم بدقّة الموضوع الذي دارت حوله المحاضرة، إن جاز أن نسمّيها فعلاً محاضرة. امتزجت فيها ذكريات الطّفولة مع بعض التّأملات الفلسفيّة العميقة، وتحدث باستطراد عن تقنيات زراعة قصب السكر مستعملاً نفس المنهج في الحديث عن تنظيم مؤسسات الدّولة. وأتذكّر أنه ختم كلامه وهو يرسم خطوطًا حمراء على أحد الألواح بطبشور أخرجه من جيبه.

عندما انتهى، قام جميع الحاضرين وشرعوا في المغادرة، وهم يثنون بحماس منقطع النّظير على نجاح المحاضرة. ومجاملة منّي وجدتني أضم ثنائي إلى ثنائهم، لكن في اللّحظة التي هَممْت فيها باجتياز العتبة، توجّه إليّ المُحاضِر بنبرة تعجبيّة، وما إن التفتّ حتى أشار إليّ بالاقتراب.

-أنت جديد هنا أيها السّيد. أليس كذلك؟

-بلى-أجبت بعد تردّد قصير، فقد عجبت من قدرته على تمييزي وسط هذا الحشد-انضممت منذ فترة قصيرة.

-ومن أدخلك؟

لحسن حظّي تذكرت المكتبة.

-كنت في المكتبة الموجودة في شارع أمارغورا، حين…

-من؟ مارتين؟

-نعم، مارتين.

-آه، إنّه من أكبر المتعاونين معنا.

-وأنا واحد من أقدم زبنائه.

-وعمّ تحدّثتما؟

-حسنا… عن فايفر.

-بم أخبرك عنه؟

-قال بأنّه عاش في بِلسن. في الحقيقة… لم أكن أدري.

-لم تكن تدري؟

– كلاّ-أجبت بهدوء كبير.

-ولم تعلم أيضًا أنه لقي حتفه ضربًا بالهراوات في محطّة القطار ببراغ؟

-لقد أخبرني بهذا الأمر أيضًا.

-كان الأمر مرعبًا بالنّسبة لنا.

-طبعا-قلت بتأكيد-إنّها خسارة لا تعوّض.

ثم دخلنا في دردشة غامضة وعابرة، عجّت بمُسارّات غير متوقّعة وتلميحات سطحيّة، كالتي يتداولها شخصان غريبان يجلسان متجاورين خلال سفر عارض على متن حافلة. فعلى ما أتذكّر كنت أجاهد لأصف له تفاصيل العمليّة التي أجريتها على اللّوزتين، في حين كان هو يشير بإيماءات واسعة إلى جمال المناظر الطّبيعية في الدول الاسكندنافية. أخيرًا وقبل أن أغادر المكان، كلّفني بمهمّة أثارت استغرابي.

-في الأسبوع المقبل-قال-أحضر لي قائمة بجميع أرقام الهواتف التي تبدأ بالرّقم 38.

وعدته بإنجاز المطلوب، وقبل الموعد المحدّد كنت قد حصلت على اللائحة.

-رائع أيها السّيد-قال بتعجّب-تعمل بسرعة مثاليّة.

ومنذ ذلك اليوم، أنجزت سلسلة من المهامّ المماثلة والأكثر غرابة. فمثلاً، كان عليّ أن أحصل على دزينة من الببغاوات، التي لم أعد إلى رؤيتها مطلقًا. لاحقًا تمّ إرسالي إلى إحدى مدن الإقليم لأنجز رسمًا تخطيطيًّا لمبنى البلديّة. أتذكّر أيضًا أنّني كُلّفت برمي قشور الموز على أبواب بعض المنازل التي تمّ تحديدها بدقّة، ثمّ كتبت مقالاً عن الأجرام السماويّة لم يجد طريقه إلى النّشر، ودرّبت قردًا على التّواصل بالإشارات، وقمت أيضًا بتنفيذ بعض المهام ذات الطّابع السّري، مثل توصيل رسائل أجهل فحواها أو التّجسس على نساء أجنبيات كنّ يختفين عن الأنظار دون ترك أثر.

وعلى هذا المنوال، وشيئًا فشيئًا بدأت أكسب نوعًا من التّقدير والاعتبار. وخلال عام واحد رُقّيتُ في احتفال بهيج. “لقد ارتقيت درجة أيّها السّيد” قالها رئيسي المباشر وهو يعانقني بلطف زائد. كان عليّ حينها أن ألقي كلمة مختصرة بالمناسبة، أشرت فيها بكلام مبهم إلى مهمّتنا المشتركة. وقد تلقّاها الحاضرون، بالرغم من ذلك، بالهتاف والتّصفيق.

في المقابل، كان الوضع في منزلي ملتبسًا. لم يفهموا سرّ غياباتي المتكرّرة وتصرّفاتي التي تُحيطها السّرية. وفي المرّات التي أُسأل فيها، كانت إجاباتي مُراوِغة لأنني في الحقيقة لم أكن أجد جوابًا واحدًا مُقنعًا. بعض الأقارب نصحوني بعرض نفسي على طبيب نفساني، فسلوكي لم يكن يمتّ بصلة لسلوك رجل عاقل. خصوصًا بعدما فاجأوني وأنا أصنع مجموعة من الشوارب المزيّفة والتي كانت بتكليف من رئيسي المباشر.

لم تَحُل تلك المناوشات الأسريّة من مواصلتي العمل بحماس وحيويّة، لم أستطع أنا نفسي إيجاد تفسير لذلك، لخدمة قضايا منظّمتنا. وفي ظرف وجيز صرت مقرّرا ثمّ أمينًا للمال ومساعدًا في تقديم المحاضرات ومستشارًا إداريًا. وكلّما حزت مرتبة متقدّمة داخل المنظّمة إلاّ وزادت حيرتي، فأنا لا أعلم إنْ كنت عضوًا في طائفة دينيّة أو عضوًا في تكتّل لصنّاع النّسيج.

في عامي الثّالث أرسلوني إلى الخارج. كان سفرًا مثيرًا جدًّا. لم أكن أملك سنتيمًا واحدًا؛ لكن بالمقابل كنت أُمنحُ أفضل القُمرات داخل السّفن، وفي الموانئ دائمًا ما أجد شخصًا يستقبلني ويحيطني بالاهتمام، وفي الفنادق يعرضون عليّ خدماتهم دون أن يُطالبوني بشيء. وهكذا نسجت علاقات مع أعضاء أخويّات أخرى، وتعلّمت لغات أجنبيّة وألقيت محاضرات ودشّنت فروعًا لمنظّمتنا، وتابعت كيف انتشر الشّعار الفضّي في جميع تخوم القارّة.

عندما عدت، بعد عام مليء بالتّجارب الإنسانيّة، كنت حائرًا مثلما حصل معي أول مرة داخل مكتبة مارتين.

مرّت عشر سنوات، وتمّ تعييني رئيسًا بفضل كفاءاتي الخاصّة. وأرتدي خلال الاحتفالات الكبرى عباءة أرجوانيّة ذات حواش، والأتباع يعاملونني باحترام وتوقير. وقد أصبح لي راتب قدره خمسة آلاف دولار، والعديد من المنازل داخل المنتجعات، وخدم بلباس رسمي يبجّلونني ويخافونني، وأيضًا امرأة فاتنة تزورني كلّ ليلة دون حاجة لأنْ أطلبها. ورغم كلّ ذلك، فأنا الآن أعيش في جهل مطلق، إذ لو سألني أحد ما عن معنى ما نقوم به داخل المنظّمة، فلن أستطيع إجابته. بل سأكتفي برسم خطوط حمراء على لوح أسود، وسأنتظر وكلّي ثقة في النّتائج الحتميّة، التي سيحدثها على الدماغ الإنساني كلّ تفسير مؤَسّس على تعاليم القبّالة.

(ليما 1952)

ــــــــــــــــــــــــــ

النص مأخوذ من النسخة الإلكترونية لمجلة سُودِسْتادا الأرجنتينية:

http://www.revistasudestada.com.ar/articulo/371/obligaciones-un-cuento-de-andres-rivera/

 

 

 

 

الكاتب في سطور:

 

*أندريس ريفيرا: (Andrés Rivera)

واسمه الحقيقي ماركوس ريباك، كاتب أرجنتيني من أم أوكرانية هاجرت بسب ظروف الحرب، وأب بولندي اسمه موازيس ريباك فر من البلاد بسبب انتمائه للحزب الشيوعي. ولد ريفيرا في 12 ديسمبر سنة 1928 بحي فيلا كريسبو، المعروف بالحي اليهودي، بالعاصمة بوينس آيرس. اشتغل في بداياته في مصانع النسيج وكان مناضلا داخل الحزب الشيوعي الأرجنتيني إلى أن طُرد منه سنة 1964. عمل في الصحافة محررا في العديد من الجرائد والمجلات المحلية، وتفرغ بعدها للكتابة الأدبية. خلف مجموعة من الأعمال الأدبية زاوج فيها بين كتابة القصة والرواية ومن أهمها:

الأعمال الروائية:

– الثمن (1956).

– الذين لا يموتون (1959)

– لا شيء نخسره (1982)

– مراهنات (1986)

– الثورة ذلك الحلم الأبدي (1993)

– المزارع (1996).

المجاميع القصصية:

– شمس يوم السبت (1962)

– موعد (1962)

-تصفية حسابات (1972)

-قصص مختارة (2000)

الجوائز:

من أهم الجوائز التي نالها في مساره الأدبي:

-الجائزة الوطنية للآداب سنة 1992.

– جائزة الصندوق الوطني للفنون والآداب سنة 2011.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نشرت تحت تصنيف غير مصنف

ابسط شيء في العالم – آين راند

Image result for ayn rand

ابسط شيء في العالم

آين راند

قصة قصيرة

ترجمة : إقبال عبيد

 

(كتبت هذه القصة عام 1940 و لم تظهر في اي طبعة حتى عام 1967 والتي صدرت مع مجموعة ( الموضوعية) إذ نشرت في شكلها الأصلي كما ورد في النص .وتوضح القصة طبيعة العملية الإبداعية والطريقة التي يواجه بها كاتب حياته الكتابية بتسخير عقله الباطن ليسيطر على مخيلته الإبداعية)

 

 

جلس هنري دورن على مكتبه و نظر إلى الورقة الفارغة عبر نوبات من الهلع ، قال في نفسه: سيكون هذا أسهل شيء أقوم به كما أنني قمت بذلك من قبل كن غبياً فقط ، قال في نفسه. هذا كل شيء. استرخي فقط وكن غبياً بالقدر الذي تستطيعه. مهمة سهلة؟ ، أليست كذلك؟ مما أنت خائف أيها الأحمق اللعين؟ أنت لا تفكر يمكنك أن تكون غبياً؟ ، أليس كذلك؟ أنت مغرور ، قال ساخطاً في نفسه .وهنا تكمن كل المشكلة. 

أنت مغرور كالجحيم لذلك لا يمكنك أن تكون غبيًا ، أيمكنك ؟ أنت غبي الآن لقد كنت غبي حول هذا الشيء طوال حياتك، فماذا لا تكون غبياً سلفاً؟

سأبدأ بعد دقيقة واحدة ، قال. فقط دقيقة واحدة أخرى ثم سأبدأ. سأبداً بعد مضي الدقيقة. سوف أستريح فقط لدقيقة ، هذا صحيح ، أليس كذلك؟ أنا متعب جدًا. لكنك لم تفعل شيء اليوم. لم تفعل شيئًا منذ شهور. مما أنت متعب؟ لهذا السبب أنا متعب – لأنني لم أفعل شيئًا. أتمنى لو أستطيع . . . أدفع أي شيء إن استطعت ذلك مجدداً. . . أوقف هذا فوراً. توقف بسرعة. هذا هو الشيء الوحيد الذي يجب أن لا تفكر به. ستبدأ بعد دقيقة واحدة وستكون مستعداً تقريباً. أنت لن تكون مستعدًا ما إذا فكرت في ذلك. لا تنظر إليه. لا  لا تنظر إليه. لا تنظر. . . لقد تحولت نظراته ليبحث عن كتاب سميك بغلاف أزرق بالي ، مطروح على الرف ، تحت  مجلات قديمة بإمكانه أن يرى ذلك جيداً ، على ظهر الكتاب ، تندمج الحروف البيضاء الباهته مع زرقة الغلاف: انتصار بواسطة هنري دورن. نهض ودفع المجلات إلى الأسفل لإخفاء الكتاب. من الأفضل أن لا تراه أثناء قيامك بهذا ، على حد قوله. لا ، من الأفضل أن لا يراك أثناء قيامك بهذا، أنت أحمق عاطفي ، قال”لم يكن كتابًا جيدًا”. كيف تعرف أنه كتاب جيد؟ لا ، لن ينفع ذلك. حسناً ، لقد كان كتابًا جيدًا. إنه كتاب رائع. ولا يمكنك فعل أي شيء حيال ذلك. سيكون من الأسهل بكثير أن أردت التفكير به على هذا النحو. سيكون من الأسهل بكثير لو ألزمت نفسك بالإيمان بأنه كان كتاباً رديئاً ونال ما يستحقه بالفعل و ما حدث له،حينها فقط يمكنك رفع رأسك والتحديق مباشرة إلى عيون القراء لكتابة شيء ما أفضل،لكنك لا تصدق ذلك، لقد بذلت كامل محاولاتك للتصديق ،لكنك لم تفعل.حسناً،قال لنفسه ” أكتبها فقط، لقد تخطيت هذا العقبة مراراً وتكراراً و لسنتين ،لذلك أكتبها فقط” ليس الآن،لم تكن الانتقادات السيئة تلك التي أفكر بها بل على العكس كانت التقييمات الجيدة وعلى الخصوص تقييم فلوريت لووم تلك التي قالت بأنه أفضل كتاب قرأته على الإطلاق لأنها تقول بأن قصة الحب لامستها،لم يكن يعرف حتى أن ثمة قصة حب في كتابه ، لم يكن يعرف ما المؤثر فيه وبكل الأشياء التي كانت في كتابه والذي قضى خمس سنوات في التفكير فيه والكتابة، الكتابة بعناية للغاية وبدقة ،دقة كما لم تعرفها فلوريت لووم ولم تزعج نفسها بالتفكير أو ذكرها على الإطلاق ،بعد أن قرأ التقييمات على كتابه كان لدية اعتقاد بأن كل الأشياء التي يكتبونها لم تكن في كتابة على الإطلاق كان يتخيل وجودها فقط أو ربما قد تكون المطبعة قد تجاوزتها، لكن الكتاب طالع الكتاب الذي بدا كثيفاً جداً لكن ماذا لو كانت المطبعة قد تجاوزتها بالفعل ما الذي ملأ كل تلك الصفحات؟ كما لم يكن ممكناً أن الكتاب لم يكتب باللغة الإنجليزية، ولم يكن من الممكن أن يكون مجنوناً لذلك أعاد قراءة كتابه مجدداً وقد غمرته السعادة حين عثر على جمل ركيكة أو فقرات مشوشة أو فكرة لم تبد واضحة قال “أنهم محقين لم تكن موجودة ولم تكن واضحة تماماً،كانت مثالية للغاية في أن يتجاوزها أحد …العالم مكان إنساني للحياة فيه،لكن بعد أن قرأ كل هذا إلى نهايته ، قد إدرك بالفعل أنها كانت موجودة،كانت جلية وجميلة ومهمة جداً ،لم يكن بإمكانه كتابتها  مجدداً بشكل أفضل من ذلك،لهذا لن يفهم أبداً الجواب، ومن الأفضل أن لا يحاول فهمه أن رغب في البقاء على قيد الحياة.

حسناً قال لنفسه هذا يكفي،أليس كذلك،لقد أستغرق الأمر وقت أطول من دقيقة ،قال ستبدأ.

كان الباب مفتوحاً،نظر إلى غرفة النوم،تجلس كيتي على الطاولة تلعب السوليتير.بدا وجهها وكأنها تحرز نجاحاً متقدم إذ يبدو كل شيء على ما يرام.كان لها فم جميل .يمكنك أن تعرف الكثير طباع الناس عبر أفواهم،تبدو الآن كما لو أنها ستبتسم للعالم،وأن لم تفعل ستقترف ذنب ،لكنها ستفعل ، تبدو بالفعل باسمه في هذا اللحظة ،لأنها كانت بحالة رائعة وكذلك العالم،تحت ضوء الغرفة بدا عنقها أبيض ونحيف للغاية ،انحنت بقلق على الأوراق،لا تُهدر الأموال على السوليتير .سمع صوت الأوراق تطرح بلطف على الطاولة متزامناً مع طقطقة البخار في الأنبوب عند زواية الغرفة،رن جرس الباب ثم نهضت كيتي بسرعة ولم تنظر إليه ابداً،جسدها نحيل و مشدود تحت ثياب طفولية،داخل فستان مشجر واسع،فستان جميل جداً،كانت قد ابتعته قبل سنتين لملابس الصيف،كان بإمكانه فتح الباب إلا أنهُ يعرف تماماً أنها تريد فتحه. وقف،وقد ثبتت قدماه بعمق في الأرض،تدلت بطنه،لم ينظر إلى الباب كان يستمع فقط. سمع صوت كيتي يقول ” لا أسفه حقاً لا نحتاج إلى إلكترولوكس” صوت كيتي كان بمثابة أغنية ،كما لو أنها قد بذلت جهداً في أن لا يبدو صوتها مضحكاً،كما لو أنها أحبت رجل إلكترولوكس وددت بشدة لو استطاعت دعوته للدخول،كان يعلم لما بدا صوت كيتي هكذا،كانت تعتقد أنه المالك،أغلقت كيتي الباب ونظرت له أثناء عبوره للغرفة ابتسمت له وكأنها تعتذر بتواضع و سعادة عن وجودها ثم قالت ” لم أود مقاطعتك عزيزي” ثم عادت إلى سوليتيرها.كل ما عليك القيام به الآن،يقول لنفسه،هو أن تفكر في فلوريت لووم وتحاول تخيل كل ما كان يعجبها،فقط تخيل ذلك وأكتبه بسرعة،هذا كل ما عليك فعله،وستحظى بقصة تجارية ستباع على الفور وستجني لك الأموال الطائلة،أنه ابسط شيء في هذا العالم،تستطيع، أنك الوحيد على حق والجميع مخطئون قال لنفسه الجميع يخبرك بما يجدر عليك فعله،كنت تبحث عن وظيفة ولم يمنحك أحدًا شيء، لا أحد يساعدك بالعثورعلى واحدة ،لم يٌظهر أحداً اهتماماً ولم يكونو جديين حول ذلك يقولون “أنظر لنفسك رجل شاب مثلك، وأنظر إلى بول باتيسون،يجني ثمانين ألف في السنة وليس بنصف عقلك.لكن بول يعرف تمامًا ما يحبه الجمهور وماذا يريد أن يقرأ ويمنحه إياهم.لو تتخلى عن عنادك،ليس عليك أن تكون مثقفاً طوال الوقت.ماذا لا تكون عملياً لوهلة، ثم بعد أن تجني أول خمسين ألف دولار،يمكنك حينها أن تعود وتدغدغ نفسك بالأدب الرفيع و الذي لن يباع أبداً.يقولون لماذا تريد هدر وقتك بالوظيفة،ما الذي تستطيع فعله،ستكون محظوظًا لوحظيت ب25 في أسبوع،من الحماقة أن تفكر على هذا النحو وأنت تحظى بموهبة عظيمة ،بالكلمات،أنت تعرف تماماً بأنك تمتلكها،لو مرة تفكر  فقط بأن تكون منطقياً حولها،يجب أن تكون سهلة بالنسبة لك،لو أمكنك كتابة قصة هوى ،أشياء صعبة ،ستكون بالنسبة لك قطعة من الكعك أو سلسلة كاملة من المسلسلات الشعبية أو ربما سلسلتين،أي أحمق يمكنه فعلها،يقولون توقف عن تهويل نفسك هل تستمتع بكونك ضحية؟

يقولون أنظر إلى زوجتك،يقولون لو فعلها بول باتيسون فلماذا لا يمكنك أنت فعلها؟فكر في فلويت لووم يقول لنفسه،لا تحاول أن تتخيل أنك لا تستطيع فهمها،لكنك تستطيع،لا تحاول أن تكون معقداً جداً.كن بسيطاً.أنها بسيطة جدًا لتفهمها .هذا كل ما في الأمر،كن بسيطاً في كل شيء،أكتب فقط قصة بسيطة،القصة الابسط في العالم والتي لا تشكل فارقٍ،يمكنك أن تتخيل،بحق الله،أيمكنك أن تفكر بأي شيء لا يشكل فارقٍ  لأي منهم أي شيء غير مهم، أكتب بأدني قدر من الأهمية؟لا يمكنك؟هل تظن أنك كاتب جيد هكذا؟ أنت مغرور أحمق،أحقاً تظن أنك كاتب جيد وأنت محاصر هكذا؟لا يمكنك  كتابة  أي شيء إلا أن يكون عميقاً رائعاً وهاماً،أيجب أن تكون المنقذ لهذا العالم طوال الوقت؟أتريد أن تكون اللعين جون دراك توقف عن خداع نفسك؟يقول.تستطيع،أنت لست أفضل من آي شخص آخر،قهقه بين نفسه،مثل شخص بغيض،يقولون الناس لأنفسهم بأنهم ليسوا أسوأ من أي شخص آخر حينما يحتاجون الشجاعة.قل لنفسك أنك لست أفضل منهم. ليتك تخبرني فقط من أين كسبت صفة الغرور الجهنمي . هذا كل ما هو عليه.لا يتعلق الأمر ابداً بالموهبة ولا العبقرية مجرد وهم مغرور .لست حتى ضحية لإبداعك،أنت مثقف متباهي ،وأنت تنال فقط ما تستحق. كاتب جيد؟ ما الذي يجعلك تؤمن بهذا الاعتقاد،ما الذي يعطيك الحق بكره ما ستفعله؟ أنت لم تكتب منذ شهور.لم تستطع،ستفعل؟ أنت لم تكتب منذ شهور.لم تستطع،لا تستطيع الكتابة بعد الآن؟ ماذا لو لم تستطع كتابة ما تود كتابته؟ ما شأنك بإحتقار الأشياء التي يحبها الناس أن تكتبها؟هذا ما أنت جيد بشأنه على كل حال،وليس لأي تفاصيل عميقة أخلاقية،ربما يجدر بك أن تكون ممتن لمجرد المحاولة،وليس كمثل محكوم بالأعدام ينتظر في زنزانة أن يُلتقط له صورة في الصفحة الأمامية.

الآن هذا أفضل،أظن الأن أن الروح الملهمة بصحبتك،الآن يمكنك أن تبدأ.كيف يمكن للمرء أن يبدأ بتلك الأشياء؟ حسناً دعونا نرى…لابد أن تكون بسيطة،كقصة إنسان،فكر بشيء بشري…كيف يمكن للمرء خلق عمل من أرواح أخرى؟كيف يمكن للمرء أختراع قصة للآخر.كيف يمكن للأخرين أن يكونوا كتاباً.هيا!،لقد كتبت من قبل،كيف بدأت إذاً،لا،لا يمكنك التفكير بهذا الآن،ليس بالبدايات،إذ فكرت،ستعود لنقطة البداية الفراغ أو للأسوأ.فكر في أنك لم تكتب شيئاً قط،أنها بداية جديدة،ستغدو أقل شأناً.ها أنت ذا ،كان هذا جيداً،تحرر من القيود البغيضة،أن فكرت في الملاحظات المبتذلة هذه،ستبدأ في كتابتها قريبا.فكر بشيء ما بشري،هيا فكر بعمق ،حسناً جرب هذا،فكر في كلمة إنسان،ما الذي يعنيه ذلك،ستظهر فكرة في مكان ما هنا ،ما هي الصفة الأكثر بشرية في الخارج،ما هي الصفات التي يحملها كل شخصاً تعرفه،صفاتهم الفائقة التي يتميزون بها،قوتهم المحركة؟الخوف؟ لا ليس الخوف على وجه الخصوص،الخوف فقط؟ أنها قوة عمياء هائلة ومحركة دون هدف ،خوف خبيث من اخبث الأنواع التي تعاني معها،لأنهم يعرفون أيضاً أنهم سيضطرون أيضاً للمعاناة ،وهذا يجعل المهمة سهلة عليك لما يتوجب عليك فعله،النوع الذي يريدون أن يروك عليه ،صغير مضحك وبذيء ،قليلو الشأن الصغار في مأمن ،أنه ليس الخوف حقاً،أن أكبر بكثير من ذلك، مثل السيد كروفورد على سبيل المثال إذ يشغل مهنة المحاماة، سيكون سعيداً حين يخسر عميل ما قضيته،على الرغم من أنه يخسر المال أيضاً وعلى الرغم من أن الموضوع يمس سمعته المهنية.أعلم أنه سعيد،يا اللهي،يالها من قصة،قصة السيد كروفورد ،أن استطعت فقط صفها على الورق  كما هو حاله مع إضافات في الشرح ضمن ثلاثة مجلدات لن يقوم أحداً بنشرها لي ،لأنهم سيقولون أنه ليست حقيقة وسينادونني بالكارة للإنسانية،توقف عن ذلك،توقف على الفور،هذا ليس كل ما يقصدونه،أنه يقولون أنها قصة إنسانية ولكنها بشرية لكن هذا ليس ما يقصدونه،ماذا يقصدون إذا، لن تعرف ابداً،اوه نعم،أنت تعرف،أنت تعرف جيداً،دون أن تعرف..توقف عن هذا …لماذا تريد دائما أن تعرف معنى كل الأشياء،هذه هي غلطتك الأولى،ها هي ذاـ أفعلها دون تقكير،يجب أن تكون دون معنى،يجب أن تكتبها كما لو أنك حاولت أن تجعلها دون أي معنى ،كما لا تظهرها بأنها الأولى في حياتك ،أجعلها تبدو كما لو كنت معتاد على كتابة هذا النوع،لماذا أصبح الجميع مؤخراً يبحث عن معنى؟ما هو السبب الحقيقي لذلك؟ توقف فورا!،حسناً لنجرب طريقة أخرى مختلفة تماماً،لا تبدأ بالتجريد ابدأ بمقدمة محددة،أي شيء،فكر بشيء بسيط و واضح و سيء ،سيء إلى الحد الذي لا تبالي بعدها،بحال أو بآخر ،أكتب أول شيء يخطر في بالك،على سبيل المثال قصة مليونير في منتصف العمر يحاول أغواء شابة جميلة،هذا جيد،جيد جيداً،استمر في ذلك بسرعة لا تفكر كثير استمر مع التيار،حسناً هنا رجل في حوالي الخمسين،جنى ثروة طائلة،دون ضمير،لأنها لا يرحم،وهي فقط في الثانية والعشرين وجميلة ولطيفة للغاية تعمل في متجر (فايق آند تن) ،نعم (فايف آند تن) . يمتلكها هو ،هذا ما هو عليه،ثري عظيم يملك مجموعة كاملة من متاجر (فايف آند تن) .في يوم ما جاء إلى متجره المتجدد ورأى تلك الفتاة ثم وقع في حبها،لماذا يقع في حبها،حسناً أنه وحيد،وحيد جداً،وليس له أصدقاء في هذا العالم الفسيح،الناس لا يحبونه، الناس لا يحبون الرجل الناجح الثري و الذي جنى ثروة لنفسه، كما أنه عنيف،حقق النجاح لنفسه وتمسك بأهدافة فقط دون الآخرين،حين يكون لديك تفان كبير في عملك فأنك تخسر الآخرين ويلقبك الآخرين بالعنيف والقاسي،وحين تعمل بجد أكثر من أي شخصاً آخر فأنك تصبح كمحرك لا يهدأ في ما يعمل الآخرين ببرود،لذلك أن تتغلب عليهم جميعاً،سيلقبوك الناس بعديم الضمير، هذا الإنسان في النهاية أنت لا تعمل على هذا النحو فقط لكونك تريد جني المال وإنما لشيء آخر رائع،أنه محرك رائع للطاقة، طاقة خلاقة،لا،أنها المسؤولة عن الإبداع نفسه،وهي المسؤولة عن خلق آي شي في هذا العالم،السدود وناطحات السحاب القنوات عبر الأطلسي، وكل شيء حولنا،جاء من واحد مثلنا تماما، عندما بدأ في اليخوت ،نعم أنه ( فايف آند تن ) العظيم ، لا هو ليس كذلك إلى الحجيم( فايف آند تن )–العاشر،حين بدأ في بناء السفن والتي صنعت ثروته ،لم يكن هناك سوي بضعة معوقات و الكثير من أصداف البطللينوس،لقد صنع مدينة،وأنشأ ميناء خاص به ومنح المئات العديد من الوظائف، ومازالو يحفرون للبطلينوس أن لم يأتي سلفاً مع السفن،والآن هم يكرهونه،ولا يشعر بالآسى نحوه،لقد تقبل ذلك منذ زمن،ولم يفهم لماذا،الآن هو في الخمسين،والظروف القاسية أجبرته على التقاعد،يملك الملايين،وهو أتعس رجل على وجه الأرض ،لأنه يريد أن يعمل ليس لجني المال والله للعمل فقط،حتى يحارب ويغتنم الفرص،لأن تلك الطاقة لا يمكن أن تبقى ساكنة،والآن بعد أن يلتقي بالفتاة، يا لها من فتاة، الفتاة التي في الخامسة والعاشرة، لعنها الله، ما الذي تحتاجه فيها؟ لقد تزوج منذ زمن طويل،أنها ليست القصة المنشودة  على الإطلاق،ما سيلتقيه ليس إلا فتى فقير، يناضل من أجل لقمة العيش، هو يحقد على هذا الشاب ،لأن الناضل الحقيقي سيكون في حياته القادمة ،لكن هذا الفتى،وهنا بيت القصيد،هذا الفتى لم تكن لديه الرغبة في أن يكون آي شيء،لقد خاض العديد من التجارب الوظيفية ،و تنازل عنها جميعاً،ليس لديه الشغف بعد الآن و لا هذا ما يريده على وجه الخصوص، أن يكون في أمان،لا يبالي ولا يتحدث مع الآخرين،لم يصنع شيء أبداً،ولم يقدم آي شي لهذا العالم،ولن يفعل أبداً،لأنها يريد الأمان،والأمان فقط من هذا العالم،هو محبوب من الجميع،ويملك تعاطف الجميع،وها هم ذا الرجلان،من على حق يا ترى؟ من هو الصالح؟ من منهم يملك الحكمة والحقيقة؟ماذا سيحدث حين تضعهم الحياة وجهاً لوجهة؟

الآن عد إلى البدايات،عند كونه في ( فايف آند تن )  أغنى رجال العالم،لا ،لا أستطيع،لا أستطيع هدر تلك القصة،لابد أن أستخدمها ،سأكتبها لكن ليس الآن،بعد أن أكتب تلك القطعة التجارية الرخيصة ،سيكون أول أمر أفعله بعد أن أنشر هذا القصة واجنى المال.ستستحق الانتظار،سأبدأ مجدداً،على شيء آخر تمامًا،هيا،ليست فكرة سيئة الآن،أليست كذلك؟لم يكن أمراً صعباً على الإطلاق،التفكير…،لقد جاءت بنفسها،فكر في شيء آخر الآن،وابدأ الآن،شكل بداية مثيرة للاهتمام،شيء ما جيد و يشد الانتباه حتى لو لم تكن تعرف بعد ما هي القصة،حتى أن لم تعرف من أين تبدأ،افترض أنك ستفتتح القصة بالفتاة الشابة والتي تعيش في الطابق العلوي وهناك في كل صيف تجلس بمفردها على السطح،وفي يوم صيفي جميل ،عند المساء كانت تجلس في الأعلى حتى جاءت طلقة وتشظى الزجاج في كل مكان وقفز رجلا خارج نافذتة على سطحها، أرايت لن يمكنك أبداً أن تخطئ ،أنها سيئة جداً لكونها قطعة جيدة.

حسناً،لماذا بحق الجحيم تعيش فتاة في الطابق العلوي؟لأنه رخيص؟لا لأنها تعيش في ج.ن.ش.م ( جمعية النساء الشابات المسيحيات)  وسيكون بالتأكيد الأرخص،قد تقاسمها فتاة غرفتها المفروشة،هذا ما ستفعله الفتاة،لا ليس هذه الفتاة،لا يمكنها أن تعتاد على الناس،هي لا تعرف لماذاـ لكنها لا تستطيع،تفضل أن تكون وحيده،وحيدة جداً في حياتها،تعمل في مكتب ضخم،مزعج وصاخب على الدوام،مكتب غبي،لكنها تحب السطوح لأنها في نهاية الليل ترى المدينة بأكملها  من الأعلى وكأنها تملكها، وتراها كما هي عليه،لكنها لا تكون كما تريدها أن تكون، وهنا تكمن المشكلة،تريد دوما أن تبدو الأِشياء تشبهها،كانت ترى المدينة جزر ضوئية صغيرة تسقط من السماء وتتكون في غموض تفكر أيضاً بالشراب والحفلات والثملين في الحمامات تفكر بالنساء اللاتي يملكن كلاب.

في المبنى المجاور،كان فندق جميل صغير،بنوافد بلورية هائلة،لأن الاطلالة كانت سيئة جداً لا يمكنها رؤية أي شيء عبر النوافذ ما تستطيع رؤيته خيالات ظلية لأشخاص يبدون واقفين في الظلام، وترى على وجه الخصوص رجل طويل القامة نحيف للغاية وكأنه يحمل شيء ما على كتفه ويعطي أوامر للعالم اجمع،كان يتحرك كما لو كان الضوء يسير معه،لقد وقعت في حب هذا الرجل عبر ظله،لم تراه أبداً في حياته،ولا تريد ذلك أن يحدث ابداً،لا تعرف شيء عنه،ولم تحاول ابداً أن تعرف،هي لا تبالي،الأمر ليس كما هو عليه،وإنما التصور المسبق لهذا الرجل،في الحب دون تخطيط،دون أمل ودون الحاجة للأمل حتى،الحب يكفى أن يُوجد السعادة في اللاشيء في عظمته الخاص،بشكل حالم لا يمكن وصفه دون تطلب،وأكثر واقعية من أي شي آخر يمكن أن تصادفه هي.

جلس هنري دورن على مكتبه،يرى ما لا يتوقعه المرء أن يراه عندما لا يعلمون على وجهه الخصوص ما لا يراه الآخرون،يراها،يرى أفكاره الخاصة بطريقة مشرقة أكثر أكثر من أي تصور للأشياء التي حوله الآن،يراهم ،لا يدفع بهم إلى الأمام،لكنه يرها كمتأمل،دون  سيطرة على تفاصيلها أو أشكالها،كل فكرة في الزواية تكمن بداخلها دهشة مشرقة تلتقي واحدة تلو الأخرى لا تشكل أي شيء،لكنها تنتشر دونما سيطرة،لا يستطيع منع نفسه من توليدها،لكنه لا يقاوم، عبر دقيقة من المشاعر التي تشبه تسديد حساب معذب لا يستطيع تحمله،شعور متواصل يجهل أحساسه،ثم … في ذلك المساء كانت تجلس وحيده على السطح حينما جاءت طلقة وشظت النافذة وقفز الرجل على سطحها، لقد رأته للمرة الأولى في حياته، وهذه هي المعجزة،لمرة لقد أرادت بشدة كل ما رأته،لكن لتو اقترف جريمة قتل،أظن أنها من أنواع الجرائم المبررة

لا!،لا!،لا! أنها ليست واحدة من الجرائم المبررة على الأطلاق،نحن لم نعرف بعد ما هي ،ولم تعرف هي  بعد،لكن يكمن هنا الحلم، المستحيل،المثالي ضد كل قوانين العالم،حقيقتها هي، ضد أمام كل البشر،كان لابد عليها…

توقف!،توقف!،توقف!

إذاً؟

استجمع قواك يا رجل ،تماسك!، حسناً،لمن تريد كتابة هذه القصة؟ للربات البيوت؟،لا،أنت لا تحاول بما فيه الكافية،أنت على ما يرام، لا بأس!،لا بأس!،ستكتب هذه القصة لاحقاً، ستكتبها بعد أن تجني المال، لا بأس لن يأخذها أحداً منك،اهدأ أجلس الآن ، وعد للعشرة.لا! أقول لك،أنك تستطيع،تسطيع، لكنك لم تبذل قصارى جهدك،لقد تخليت عنها ببساطة،أتستطيع التفكير دون أن تفكر؟

أسمع!،ألا تعرف طريقة مختلفة يمكنك فعلها؟لا تفكر بالرائع لا تفكر بالفريد،لا تفكر بالأستثنائي الذي يريده الآخرين، لكن أكتب الواضح السهل،لمن؟، هيا الآن،لو سألت نفسك ماذا لو…؟ هذا سيطلق العنان للمزيد من المتاعب،ماذا لو ليست كما تبدو عليه على الأطلاق،لن تكون مثيرة للاهتمام لو…هذا ما تفعله تماماً بنفسك ولا يجدر التفكير ابداً بالذي قد يكون مثيراً،لكن كيف استطيع فعل أي شيء أن لم يكن مثيراً؟ لكنه سيكون كذلك- لهم – سيكون فقط مثيراً لهم ،لأنه ليس كذلك بالنسبة إليك، وهنا يكمن السر،لكن كيف لي أن أعرف كيف ولماذا؟

أسمع ألا يمكنك أن تتوقف لوهلة،هل تستطيع أن تغفو– أحدث عقلك- أتستطيع أن تجعله يعمل دون أن توقظة؟ هل تستطيع أن تكون غبياً، أن تكون دون وعي متعمدـ غبي بدم بارد- ألا تستطيع تنفيذها بطريقة ما؟ الكل أغبياء حول شيء ما ،أفضل الأشخاص وأسوأهم يمكلون مناطق غباء عمياء في عقولهم – ألا تستطيع إيجادها ؟

يا إلهي القدير،دعني أكون غبياً،دعني أكون منافق،دعني أكون تافهاً لمرة واحدة. يتوجب علي هذا .ألا ترى؟أنها مسألة عكسية فقط .عملية عكسية واحدة بدلاً من إيماني في محاولة أن أكون ذكياً،مختلفاً،وصادقاً،متحدياً،وسأمد القصة قليلاً ،ستكون أفضل،على المرء أن يكون مملاً،لطيفاً ومنافقاً ومأمن،وهذا كل شيء،هل هذا ما يفعله الآخرين؟ لا ،لأ أظن ذلك،سيخرجون مجانين وبعد ذلك سيسكنون في مصحة عقلية لستة أشهر،إذاً ما ماهيتها؟ ،لا أدري،أليست هي هكذا-أيكتبون هكذا،ربما لو قالوا لنا منذ البداية في أن نتخذ المسألة العكسية،..لكننا لسنا كذلك،لكن البعض يكتسب الحكمة في وقت مبكر- ثم بعدها يفهم ما يجب فعله،لكن لماذا يجب أن تكون هكذا،لماذا يجب علينا …كفى ، أنت لن تحل مشاكل العالم، أنت ستكتب قصة تجارية،حسناً ،اهدأ الآن ، تماسك بشدة ولا تجبر نفسك بحب تلك القصة علاوة على ذلك ،لا تدع نفسك تحبها.

دعونا نكتب قصة بوليسية ،عن جريمة محيرة.لا يمكن أن تكتب جريمة محيرة بمعاني عميقة، هيا،بسرعة ببرود وبساطة،

هنالك مسارين دائمًا في الجريمة،الضحية و القاتل،-لذلك لا أحد سيشعر بالآسى تجاه آي منهما كما هو الحال دائماً،حسناً يمكننا أضافة أوصاف شيطانية للقاتل ،حسناً،ها نحن ذا ،نستطيع أضافة بعض التفاصيل للضحية،ولكن على القاتل أن يكون وغد والآن القاتل سيكون لديه دافع للقتل،يجب أن يكون دافع خسيس،لنرى،لقد وجدتها!، هذا القاتل مبتز محترف والذي يحمل في قبضته الكثير من الأشخاص ،والضحية الرجل الذي على وشك أن يفضحه،إذاً المبتز يقتل الرجل،كدافع خسيس أكبر مما تتصور،لا عذر لذلك، أو هذاك، ماذا لو تكن مشوقة،أيمكنك أثبات أن القتل كان مبرراً،ماذا لو كان كل الناس الذين يبتزهم حشرات قبيحة،من الأشخاص الذين يقومون بأعمال فظيعة،ليس ثمة وسيلة واحدة للدفاع عنك ضدهم،هذا الرجل تعمد أن يكون مبتزاً،يحمل ضد كل ضحية أشياء ضدهم،ويجبرهم على تحقيق العدالة،الكثير من الأشخاص يعرفون كيف يصنعون رزقهم عبر الأجساد التي يستخدمونها للترقي في أعمالهم و يستخدمها هو ،للتقليل من الأذى للآخرين حوله،قد يكون روبن هود المبتز.يأتيهم بطريقة واحدة يستحقونها، على سبيل المثال، سياسي فاسد،والبطل يخدر ويجبر على التصويت ،لشخصا ما أخر،منتج هوليوود كبير،دمر حياة العديدين،والبطل يمنح للمثلة أستراحة عمل دون أن يجبرها بأن تكون حبيبته،آخر،رجل أعمال فاسد،والبطل يجبره أن يكون رجل أعمال صالح،والأسوأ بينهم المصلح المنافق،أعتقد،لا هذا ليس الأخطر بينهم أنه فقط مثير للجدل-ما هذا بحق الحجيم،عندما يطيح البطل بهذا المصلح ويوشك أن يفضحه يقتله البطل،لماذا يجب عليه ذلك،والممتع بالقصة كلها أن كل هؤلاء الأشخاص يمكن أن تلتقيهم في الواقع،أناس لطفاء ،ركائز للمجتمع،كهؤلاء الذين نحبهم و نحترمهم،أما البطل هو من هؤلاء المنبوذين واقعياً ، يا لها من قصة،أثبت ذلك ،أثبت أن تلك النوعية من القصص تنال شعبية هي هكذا،أضرب نفاق المجتمع،أكشف الحقيقة،أثبت أن الذئب الجائر سيظل دوماً جائر،أثبت المصداقية،والشجاعة والقوة والتفاني،أثبت ذلك أن المبتز والقاتل لديهم قصة والقاتل البطل لاذ بالفرار ،يالها من قصة عظيمة، قصة مهمة جدًا والتي..

كان لايزال هنري دورن جالساً يثني ذراعيه على حضنه،مشتتاً لا يرى شيئاً ولا يفكر بأي شيء،أزاح الورقة الفارغة جانباً، وامتدت يداه إلى صيحفة التايمز يبحث في صفحة أعلانات ” مطلوب مساعدة”