الشهر: ديسمبر 2016
تفاصيل خسيسة – سيغفريد ساسون
ترجمة: ريوف خالد
لا تجد في قصائده غير بقع دم ، سيقان مبتورة ، جثث متعفنة تتحول رؤيتها إلى كوابيس ليلية ، عيون اطفأتها الغازات السامة ، شباب في تفتح طاقاتهم حولتهم الحرب إلى شحاذين بسبب إعاقات جسدية أصيبوا بها ، طيور أرعبتها أصوات المدافع فلم تجد لها مأوى تعود إليه ، أرض أغرقها طوفان الدم فراح سكانها يتشبثون باللاشيء طلبا للنجاة ،
حُفر أحدثتها القنابل المتساقطة فأصبحت قبورا للأحياء يختبأون داخلها بانتظار موتهم ، خنادق يملأها القمل والجنود معا ، جندي صبي يقعي على الأرض مدخنا سيجارته ومتأملا صورة حبيبته التي قد لا يراها أبدا ، عميان يقودون عميانا وهم يخرجون من خنادقهم في ظلام دامس خوفا من أن يدل الضوء عليهم أعدائهم ، قبرة تصدح هازئة من جرائم الإنسان ضد اخيه الإنسان.
تفاصيل خسيسة[1]
لو كنت شرسًا أقرعًا قصير النّفس
لعشتُ مع القادة الدّاعرين في القاعدة
ولدفعتُ بالأبطال البائسين إلى جبهة الموت.
ستراني بوجهي المُنتفخ النّكد
أُتبجّر وأبلع في أفضل الفنادق
أقرأ قائمة الشّرف “الغلام المسكين –
سأقول- كنت أعرف أباه جيدًا
نعم، خسرنا بشكل فادح في المعركة[2] الأخيرة”
وعندما تنتهي الحرب، ويقضي الشباب نحبهم
سأخطو آمنًا إلى منزلي وأمُوت، في السّرير.
سيغفريد ساسون
سيغفريد ساسون: شاعر ومؤلف وجندي إنجليزي. من أبرز شعراء الحرب العالميّة الأولى، يصف في شعرِه أهوال الخنادق ويهجو المزاعم الوطنية لأولئك المسؤولين عن الحرب من وجهة نظره.
_____________________________
[1] العنوان الأصلي ”Base details” وقد تكون تفاصيل القاعدة، أو تفاصيل خسيسة.
[2] في القصيدة الأصلية وردت كلمة ”Scrap” والتي تأتِ بمعنى مشاجرة دلالةً على بُعد القادة عن فجائع وشراسة المعارك في الحرب.
بورخيس بين اللغة و الترجمة
تحقيق
د.محمد قصيبات
خورخي لويس بورخيس والترجمة
الخلفية اللغوية للويس بورخيس غنية للغاية ، فهي متعددة الجوانب والثقافات (د. لويزور) كان أبوه وكذلك جدته من أصل إنجليزي وكانت أمه أرجنتينية فتعلم الكاتب الأسبانية في نفس الوقت الذي تعلم فيه الإنجليزية حيث ترعرع في شوارع بوينس أيريس ، وكان بورخيس يتحدث أيضًا الفرنسية والإيطالية والألمانية وهي لغات تعلمها أثناء إقامته في أوربا… كما تعلم بورخيس اللغة اللاتينية.
برغم لغاته تلك فهو لم يؤمن بأن الكاتب يمكنه ترجمة أعماله إلى لغات أخرى ، لقد ترك ذلك لمبدعين آخرين، واختصارًا للوقت سوف نتحدث عن ترجمة شعر بورخيس إلى الإنجليزية وكذلك إلى الفرنسية.
قبلها لنتحدث قليلاُ عن:آراء بورخيس فى الترجمة
آراء بورخيس في الترجمة رواها بالتفصيل الكاتب الفرنسي “دومينيك لويزور” في دراسة عن الكاتب بعنوان الترجمة عند بورخيس .
تحدث بورخيس طويلاً عن آرائه في الترجمة في عدة مقالات وحوارات وكما قلنا كانت الترجمة هاجسًا طارد الكاتب طوال حياته الأدبية.
ذكر لويس بورخيس بصريح العبارة فى دراسة الفرنسي د. لويزور
– يجب ألا يكون النص المترجم أقل مستوى من النص الأصل.
– الهدف الرئيسي للترجمة يجب ألا يكون تقليدًا عبثيًا أو تزويرًا لعمل من الأعمال الإبداعية بل هو خلق نص قائم بذاته.
– لأن التقليد الكامل والنسخ لا ينتميان لهذا العالم لماذا نظل نبحث عنهما في العمل الأدبي دون جدوى.
– المترجمون والكتاب لا بد أن يشتركوا في هدف واحد هو…الإبداع.
– على المترجم ألا يسجن نفسه في الترجمة الحرفية.
– أن النص المترجم قد يكون في بعض الأحيان أكثر قوة وإبداعًا فيتفوق على النص الأصل.
– على المترجم أن ينجح في التقاط الإيحاءات الأصلية والتعبير عنها في لغة أكثر صفاءً.
– لا بد أن تكون اللغة المترجم إليها قادرة على إعطاء النص أبعادًا جديدة أكثر إبداعًا من لغة النص الأصل.
خصوصيات النص الشعري
“يميّز بورخيس بين ترجمة النثر وترجمة الشعر… طريقة الترجمة لابد أن توافق نوع النص الأصلي .. قد تنجح الترجمة الحرفية في النثر لكنها لا محالة سوف تفشل في ترجمة الشعر نظرًا لخصوصية اللغة الشعرية.”
ترجمة قصائد خورخي لويس بورخيس إلى الإنجليزية:
تم العمل بالطريقة التالية
– بقى “دي جيوفاني” المترجم مع “بورخيس” الشاعر في بوينس أيريس.
– أرسل دي جيوفاني صياغات أولى إلى فريق من الشعراء في نيويورك.
– لا يفقه فريق الشعراء في نيويورك في اللغة الأسبانية شيئًا.
– يقوم فريق الشعراء بكتابة الصياغة النهائية للقصائد.
ترجمة شعر بورخيس إلى الفرنسية
عندما رغب الفرنسيون في ترجمة شعر بورخيس .. أشترط الأخير ترجمة شعره حسب أصول الشعر الفرنسية مع احترام “الأوزان الشعرية” في الترجمة حتى لو كان ذلك على حساب النص.
عندما نشرت “غاليمار “وهي أكبر دار نشر متخصصة في الشعر كان لبورخيس ما يريد. فعندما تمت ترجمة القصائد كان النقاش يدور حول نوع “البحر” الذي توضع فيه تلك القصائد.
عرف المترجم أن بورخيس قال في إحدى حواراته ” لو كنت فرنسيًا لكتبت “ببحر
Alexandrin
…وهو يتكون من أثنى عشر مقطعًا لفظيًا قد يعادل هذا “البحر” بحر الطويل عند الخليل.
للمحافظة على جمال النص الذي يتحدث عن الورود رأى المترجم أن يترجم البيت التالي
No soy yo quien te engendra: son los muertos
فى بحر
Alexandrin
Ce n’est pas moi qui t’engendre : ce sont les morts
بينما الترجمة في “بحر” الديكاسيلاب المكون من عشرة مقاطع لفظية (وهو البحر “المستعمل كثيرُا في الشعر الأسباني)”
عندما يترجم المترجم البيت على هذا البحر سوف يبدو الإيقاع سريعًا:
Je ne t’engendre pas: ce sont les morts
يقول المترجم أنه جرّب قرابة العشرين قصيدة في البحرين المختلفين
Alexandrin
Decasyllabe
في نهاية المطاف أختار المترجم الفرنسي ثلثي القصائد في وزن
Alexandrin
هذه الفقرة من كتاب ” بورخيس والكتابة ” وهو كتاب يحوي محاضرات ألقاها بورخيس والمترجم دي جوفاني على مجموعة من الطلبة والفقرة من الجزء الثالت من الكتاب الذي تناول الترجمة بشكل عام وترجمة بوخيس إلى الإنجليزية بشكل خاص.
يقول بورخيس ” هناك مفارقة غريبة فكرت بها هذا الصباح رغم أنني ربما فكرتُ بها لسنوات وسنوات. أظن أن هناك طريقتان مقبولتان في الترجمة: الأولى هي الترجمة الحرفية والأخرى المعنوية بإعادة صياغة الكلام، المفارقة تكمن- المفارقة طبعاً تعني شيئاً صحيحاً ولكنه يبدو للوهلة الأولى خاطئاً- في أنك ولو من باب الغرابة أو لنقل أنك تريد أن تُدهش القارىء فإنك تستطيع ذلك بالترجمة الحرفية وهنا سأتناول مثالاً واضحاً.. أنا لا اعرف بالطبع شيئاً في اللغة العربية ولكنني أعرف كتاباً باسم “the thousands and one night” ألف وإحدى ليلة هنا عندما قام جَين أنتوني جالان بالترجمة إلى الفرنسية فإنه ترجمه إلى ” les Mille et une Nuits” ولكن عندما قام الكابتن بورتن بترجمته الشهيرة إلى الانجليزية فقد ترجمها حرفيا عن الأصل العربي لسياق الكلمات وسمّى كتابه ” the book of the thousand nights and a night” هنا قام بخلق شيءٍ لم يكن موجوداً في الأصل بالطبع لمن يعرف اللغة العربية لن تكون الجملة غريبة بل أنها تُقرأ بهذه الطريقة ولكن في الإنجليزية تبدو الجملة غريبة جداً بل وقد اكتسبت جمالية ما بالترجمة الحرفية في هذه الحالة.
والآن لننتقل إلى المثال المقابل حيث لم يقم المترجم بالترجمة الحرفية بل على العكس أراد أن يعيد صياغة الجملة الأصلية. أظن أنكم تعرفون جميعاً الجملة اللاتينية ” Ars longa Vita brevis” عندما اختار تشاوسر ترجمتها إلى الانجليزية لم يترجمها إلى ” Art long, life short ” “الفن طويل، الحياة قصيرة ” حيث تبدو الجملة مبتورة وجافة بل أنه ترجمها بهذا الشكل ” the life so short, the craft so long to learn ” “الحياة قصيرة جداً والحرفة تحتاج وقتاً طويلاً لتعلمها” بالعمل على ” to learn ” “لتعلمها” اكتسبت الجملة نوعاً من الموسيقى الحزينة لم يكن موجوداً في الأصل.
هاذان مثالان جيدان على ما أظن على نوعي الترجمة المقبولة ولنأخذ مثالاً ثالثاً، في الإنجليزية نقول ” صباح الخير” بينما نقول في الإسبانية في الجمع
” Good days ” ” Buenos dias أياماً سعيدة ” فبترجمة الإسبانية حرفياً نحصل على غرابة أو جمال غير مألوف ولكن بالطبع هذا كله يعتمد على ما تحاول القيام به، فأنا عن نفسي عندما أكون أقل وضوحاً في تعبيري فإنني أظن أنه من حق المترجم أن يعيد صياغة ما كتبته.”
__________________
كان لي جوع يسكن شحوب القمر، وأغنية قليلة التجربة في شفاه النهار، هي الطمأنينة حين نحب، هي الحكايا المثيرة علقت على جدائل الحبيبة، هذا ما يرينا كم للعصفورة من هبات*
Murdoch Maclean
Murdoch Maclean
ترجمة : عبدالله عيسى
هدهدة طفل
Sleep weel, my bairnie, sleep.
The lang, lang shadows creep,
The fairies play on the munelicht brae
An’ the stars are on the deep.
The auld wife sits her lane
Ayont the cauld hearth-stane,
An’ the win’ comes doon wi’ an eerie croon
To hush my bonny wean.
The bogie man’s awa’,
The dancers rise an fa’
An’ the howlet’s cry frae the bour-tree high
Comes through the mossy shaw.
Sleep weel, my bairnie, sleep.
The lang, lang shadows creep,
The fairies play on the munelicht brae
An’ the stars are on the deep.
.نم قرير العين يا طفليَ نم
مستطيلاً زاحفاً جاء العتم
فيه تلهو بنت حور
في جُليهة القمور
و يرى النجم عميقاً ملتَقَم
وحدها يافعة الزوج انزوت
عند بردِ مِجمر قد جلست
ورياح عصفت
بنحيب زمجرت
وهي للطفل الجميل هدهدت
ذلك العفريت عنا في نؤُيّ
راقصات بين خفض و عُلِيّ
ومن البوم نعيق
جره الأيك العتيق
قمطرير القاع، من ثَمّ الإتيّ
عبدالله عيسى
الناشرون و الكٌتاب ..
ترجمة : دلال الرمضان
خاص : ترجمان
(ناشرون و كتاب )
للوثائق الأصلية دوماً أهمية ثمينة لدى الطلاب . وإليكم الآن وثيقة، أراها ثمينة بشكل استثنائي ,وهي رسالة تلقاها مراسل لي يعمل كصحفي من قبل ناشر معروف .
( انا آسف جداً لعدم قدرتنا على أخذ روايتك والتي تبدو لي رائعة ، إذ حازت على اعجاب شريكي أكثر من أي شيء آخر كان قد قرأه في الفترة الماضية . بيد أنه يوافقني الرأي أنها لم تكن تمتلك الصفات التي تمكنها من تحقيق نسبة مبيعات عالية .وكما تعلم فهذه هي الأمنية التي يطمح لها كل ناشر بالدرجة الاولى . أرجو ألا يسبب كلامي هذا لك نوعاً من الاحباط ويدفعك للامتناع عن إرسال كتابات أخرى إلينا . إنني اعرف تماماً أن لديك موهبة عظيمة ولكنني أدرك أيضاً مدى صعوبة تطبيق هذه الموهبة بشكل عملي بعيداً عما يمليه عليك خيالك .
بني ! عد الى الواقع وحاول دراسة متطلبات السوق ومعرفة مايحبذ الجمهور قراءته ثم ابدأ بكتابة قصة عن ذلك . هذا ما سيدفعك للنجاح الذي أنت مخول لأن تظفر به لما تمتلكه من موهبة .
وعلاوة على ذلك كله، لاتمشِ على خطى صديقنا العنيد الذي فعل ماقمت به أنت في هذه الرواية من إهمال لمتطلبات الجمهور والعمل بما يمليه عليه الخيال. وتذكر أن كتابة الرواية بقدر ماهي وسيلة للمكسب المادي ،هي صناعة قائمة بذاتها . عندما تكتب الروايات وفقاً لرغبة الجمهور ستبيعها بأعداد كبيرة مما يجعل لك اسماً في السوق وعندها فقط يمكنك إطلاق العنان لخيالك ، حيث سينظر اليك الجميع بإعجاب مرددين عبارة ” لانستوعب هذا الكم من العبقرية ! أليس كاتباً عظيماً !!”
هل وصلتك فكرتي الآن؟ يجب أن تقوم بذلك بعد أن يكون اسمك رابحاً في السوق ولايمكنك تحقيق ذلك إلا إذا كنت تجاري رغبة جمهورك من القراء وتكتب مايتماشى مع أذواقهم .
المخلص لك ……..
الكاتب هنا أمريكي ، لكن ما كان لناشر انجليزي متعنت ان يعبر عن وجهة النظر هذه
بدقة افضل مما ورد في هذه الرسالة المرسلة من قبل احد سكان نيويورك الى ابن مدينته . بيد أن أكثر شيء أثار حيرتي هنا هو اختيار الكاتب للكتب بدلاً من الروايات البسيطة التي إذا ما اختارها سيبيعها برزم كبيرة وسيجني من ورائها الكثير من المال . وبرأيي فإن الكثير من الناشرين قد استوعبوا أخيراً فكرة أن الروايات البسيطة أفضل من الكتب .
هنالك شيئان متعلقان بكتّاب الروايات على الناشر معرفتهما وهما لاينطبقان بواقع الحال على كتاب الروايات البسيطة ، الأمر الذي لم يستطع فهمه سوى عدد قليل من الناشرين الذين عرفت كثيراً منهم ممن انتهى بهم المطاف الى مرحلة الافلاس ثم خرجوا منها دون أن يستوعبوا أهمية هاتين النقطتين ؛ أولاهما هي أنه من الغباء الفادح أن تطلب من الروائي دراسة متطلبات السوق بهدف الحصول على نسبة توزيع عالية . إذ أن الروائي إذا لم يكتب لإرضاء نفسه وإذا لم يكن ذوقه الخاص يتناغم مع ذوق الملايين من القراء فلن يرضيهم بهذه الطريقة ، فالعديد من رواد الأدب أمثال هال كين و ماري كوريل والسيدة همفري وارد ( ماري اوغوستا وارد ) ولدوا ولم يتم صنعهم . ربما يبدو ذلك غريباً حتى للناشر نفسه أنهم كانوا يكتبون لغرض الكتابة فقط وبمحض الموهبة الفطرية، لكن الأمر كذلك .
الشيء الآخر هو أن الروائي عندما يكون قد ” صنع اسمه في السوق” فلن يستطيع بعد أن قام بشيء معين أن يغير مساره الى القيام بشيء آخر ، فكسب أكبر قدر من المال من فنان معين لايتم إلا بإطلاق العنان لأفكاره . ترى متى ستستوعب دور النشر هذه الفكرة ؟!
كذلك الأمر بالنسبة لكتاب الدرجة الثانية ، لن تستطيع دور النشر جني الأرباح من أعمالهم إلا بتركهم وشأنهم . أما آن لدور النشر إدراك فكرة أن كتاب الدرجة الثانية لديهم دراية فطرية بالذوق العام أكثر من الناشر بكثير ؟!